Tuesday 16 October 2012

الاستعمار الجديد الزراعي العربي....... من هو الخاسر؟

الخط البياني يوضح  الازدياد الهائل  في كمية الحبوب المستورده من قبل الدول العربيه خلال الخمسين سنه الماضيه
لقد ازدادت الكميه من 4 ملاين طن سنويا عام 1960 ال 70 مليون طن عام 2010. الخط في صعود دائم والله يستر 
ان معظم البلدان تهتم  كثيرا بأمنها الغذائي وتضع حلول مستقبلية لهذه المشكله الاهم في استمرارية البقاء السليم والصحي للبشرية . ان بعض الدول الغنيه - وعادة تكون دول نفطية - لاتملك مقومات زراعية اخذت تبحث عن اراضي زراعية خارج حدودها لانتاج اغذية لشعوبها وحتى التجاره بمنتجات الاراضي المستحوذة عليها من قبل هذه الدول. الاستحواذ على الاراضي الزراعيه من خارج الحدود قد سمي بالاستعمار الجديد الزراعي.
 
أن الاستعمار القديم المندثر  منذ اكثر من خمسة عقود كان يدور بين دول الشمال ودول الجنوب اما الاستعمار الجديد فلا تتحكم فيه القوة او الموقع الجغرافي ولا لون العيون والبشرة بل يتحكم فيه عنصر واحد هو ( وفرة المال فقط) . ألاستعمار الجديد قد نعت باسماء كثيرة سميت بالاستحواذ او التعاون او الاستثمار و لكن كل هذه المسميات تنصب في بوتقة واحدة. حيث تقوم دول غنية " جافه"  ليست لديها مقومات زراعيه او انتاجها الزراعي لايكفي لاحتياجات شعوبها فتضطر للحصول على اراضي زراعيه خارج حدودها من دول فقيرة تشكو من مشكلة الامن الغذائي وبل تمر بفترات من القحط والمجاعه .
 
  كذالك  هناك موسسات استثمار  وصناديق تقاعد غنيه في  امريكا ودول غربيه لها فائض من الاراضي الزراعية  مع هذا تستحوذ على الاراضي الزراعيه لدول اخرى  فقيره لاجل الاستثمار وجني عائدات عاليه وعلى حساب هذه الشعوب المبتليه بحكومات فاسده.
 
إن هذه الاتفاقيات و المعاهدات غير المعقولة و المجحفه والتي تعقد الكثير منها في الخفاء والسرية أخذت تجذب انتباه المنظمات الأممية واللاحكومية في العالم. وهي صفقات أطلق عليها كلمة الاستعمار الجديد الزراعي وآخر من سماها بهذا الاسم هو الدكتور جاك ضيوف المدير العام السابق لمنظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاوFAO) وكانت هذه المنظمة تغض الطرف سابقا عن هذه القضايا، بل كانت تصف هذه المعاهدات المشبوهة بالاستثمار الزراعي.  وأما المنظمات غير الحكومية مثل منظمة أوكسفام OXFAM المعروفة فقد وصفت هذه الاتفاقيات والعقود بأنها تُكثر من نسبة الجياع في الدول التي وافقت على مثل هذه الاتفاقيات غير الإنسانية.
 
ان الدول العربيه الغنيه وخاصتا الخليجيه منها منهمكه ومنذ سنوات في الاستحواذ على اراضي زراعيه  في الدول الفقيره او من دول تحكم من قبل حكومات غير  نزيهه . وقد  نشطت بعض الدول العربيه في  ابرام  الكثير من هذه الاتفاقيات المشبوهه. ومن الأمثلة على هذه الاتفاقيات تلك التي أبرمت بين قطر و كينيا، حيث ستستغل قطر بمقتضاها 40 ألف هكتار من أخصب الأراضي الزراعية الأفريقية مقابل بناء ميناء لكينيا على المحيط الهندي بكلفة 3 مليارات دولار. فبخلاف ما حصلت عليه في كينيا فإنها بصدد الحصول على أراضى في كل من كمبوديا و فيتنام. الإمارات العربية المتحدة هي الاخرى تحاول استغلال 30 ألف هكتار في السودان و على ضفاف النيل لزراعة الذرة و الأعلاف الحيوانية كما حصلت على مليون هكتار في باكستان و هي بصدد الحصول على أراضى شاسعة في السودان و كازاخستان.
 
حصلت المملكة العربيه السعوديه على مليون و ربع هكتار  من الاراضي الزراعيه من اندونيسيا. علما بأن مواطنها الوليد بن طلال بن عبد العزيز حصل على كمية مشابهه من مصر و ذلك في الوادي الجديد و لكنه لم يستغل منها إلا اليسير. و قد كانت الحكومة المصرية سخية جدا مع هذا المستثمر الذي تتهمه الصحافة المصرية بعدم الوفاء بوعوده.
 
مملكة البحرين مثلا التي لا يزيد سكانها عن قضاء عراقي، وأكثر سكانها من الأجانب، ولا تزيد مساحتها عن ناحية عراقية، هذه المملكة الصغيرة   التي لاتملك اي مقومات زراعيه فقد توجهت إلى الفلبين وهي دولة يبلغ عدد سكانها نحو 90 مليون نسمة، و 70% من مزارعيها وفلاحيها لايملكون أراض زراعية، ومع ذلك حصلت البحرين على أراض زراعية بالفلبين لإنتاج الأرز ليتم استهلاكه بالبحرين، وذلك حسب نشرة جوينت بريس 24 يونيو/  حزيران 2009.
 
كان المرحوم معمر القذافي مهتم ومنذ توليه حكم ليبياعام 1969 بالحصول على اراضي افريقيه وكاتب هذه المقاله شاهدا على حصول القذافي على اراضي زراعيه في اوائل السبعينيات من شاد ومالي ونيجروبدء بتاسيس شركات زراعيه مشتركه عام 1972. وفي السنوات الاخيره حصلت  ليبيا على ربع مليون هكتار في أوكرانيا ولها مشاريع زراعية كثيرة في أفريقيا منذ اكثر من ثلاثة عقود.
أستحواذ العرب الاغنياء على الاراضي الزراعيه توثر سلبا على الامن الغذائي في المنطقه
الدول الخليجيه "الجافه" ومنذ الازل تحلم  بالوصول لمياه دجله والفرات والنيل. أن العولمه والدولارات النفطيه قد فسحت المجال لهذه الدول بتحقيق احلامها القديمه . لقدعجلت الزيادة المضطرة لأسعار المواد الغذائية على الصعيد العالمي خلال الثلاث  سنوات الماضيه بعمليات الاستيلاء على ألأراضي الزراعية ضمن ميكانيزم عمل الاستعمار الزراعي الجديد والياته الاقتصادية والسياسية ، وفي هذا المجال بدأت دول الخليج وعدد من البلدان الأسيوية والأوربية بعمليات منظمة للاستيلاء على الأراضي الزراعية في البلدان الفقيرة والأشد فقرا، وذلك ضمن مفهوم وأجندة الأمن الغذائي وإستراتيجيته التي أصبحت ألأهم بالنسبة للدول والكتل السياسية والاقتصادية. أن الاتفاقيات والاستحواذات التي قام بها بعض الدول العربيه و المذكوره اعلاه تعود لسنوات ماضيه. اما العقود او الاستحواذات الحديثه والتي عقدت خلاال السنتين او الثلاثه الماضيه  للدول العربيه وخاصتا الخليجيه فهي مجدوله  ادناه وكلها موثوقه من منظمة جرينGRAIN الامريكيه الغير الحكوميه.
 
أستحواذ العرب الاغنياء على اراضي زراعيه تركيه وتاثيره المباشر على العراق
إن رغبة وجهد الدول الخليجية وبالاخص السعودية والإمارات بالحصول على الأراضي الزراعية في تركيا يعتبر عامل إضافي لتركيا بالإسراع ببناء شبكة سدودها التي تنعكس آثارها الكارثية على العراق والموقف السعودي والإماراتي ( ابو ظبي ) يختلف عن الموقف الأوروبي المسئول حينما رفضت دولها وانسحبت من تمويل تلك السدود وذلك لمعرفتها بمدى تأثيراتها الداخل التركي وعلى العراق بشكل اكبر.
 إن التوجه السعودي والإماراتي جاء بعد إن جفت مياهها الجوفية التي تم هدرها في مشاريع زراعية عقيمة أقدمت عليها حينها بعد أن أخذت بنصيحة عدد من الشركات والمنظمات الدولية، الفشل الداخلي لحل مشكلة الغذاء في دول الخليج دفعتها للبحث عن الحل الخارجي ( الاستعمار الجديد الزراعي). فإن المملكة العربية السعودية استغنت عن مشروع السنوات الثلاثين والذي كان سيكفل "الاكتفاء الذاتي" في الغذاء بالمملكة. وان السعودية تقلل سنويا 12.5 % من إنتاج القمح فيها نظرا لشحة المياه لديها وحيث أن المملكة ستتجه لتركيا وأفريقيا لزراعة غذائها هناك. علما بان المملكة العربية السعودية تستورد سنويا أكثر من  12مليون طن من الحبوب حسب تقرير وزارة الزراعة الأمريكية.
فحسب وكالة رويترز في الأول من تموز 2009 أن المملكة العربية السعودية " استتثمرت" 3 مليار دولار في مشروع زراعي بتركيا لإنشاء 20 ألف وحدة زراعية حجم كل منها 10 آلاف متر مربع، وستغطي مساحة 200 كلم مربع وذلك لتصدير إنتاجها الزراعي والحيواني. وكأن حصولها على نصف مليون هكتار من الأراضي من تنزانيا لا تكفيها. ( ديلي ستار- دكا - 3 أغسطس آب 2009)
 في 10 يوليو نشر موقع مكتوب الاقتصادي أن إمارة أبو ظبي وقعت بدورها معاهدة طويلة الأمد مع تركيا بمبلغ 6 مليار دولار للحصول على أراض زراعية بها. ذكرت جريدة ديلي تلجراف الندنيه في 14 يوليو تموز 2009 فإن ما تصرفه المملكة السعوديه وأبو ظبي في هذين المشروعين يعادل ما صرفته كل دول التعاون الخليجي عام 2007 على شراء أسلحة أمريكية، وما هذا إلا دليل على أن هذه الدول الخليجيه تعطي أهمية  عظمى للحصول على اراضي  زراعيه .
علما بان هذه الدول تعرف مسبقا بان سد اليسو سيقام على نهر دجلة، وأن الحكومة التركية تريد الاستفادة منه وإعطاء المياه لمستثمرين اجانب وعلى حساب فقراء تركيا من الكورد  وكذالك على حساب حصة العراق من المياه.  
أستحواذ العرب الاغنياء على اراضي  افريقيه وتاثيره المباشر على مصر
 أن  مصر هي الدوله العربيه الاخرى التي تتاثر بهذا  الاستعمار الجديد الزراعي العربي. حيث ان الاستحواذ على الاراضي الزراعيه في الدول المتشاطئه  على النيل مثل السودان واثيوبيا ستوثر على كميات المياه التي تصل الى مصر والتي بالكاد تسد احتيجاتها في الوقت الحاضر. أن المصريين يومنون ويلتزمون  بالاخوه والتعاون العربي لذا لاينبسون بحرف حول مايعمله اخوتهم العرب الخليجيين بالامن الغذائي لاكثر من 83 مليون مصري عربي. ان مصر دائما ما تراقب الأوضاع في الدول التي ينبع ويمر فيها النيل وتتأكد أن حصتها مؤمنة، وأننا على يقين أن أحدا لا يجرؤ على المساس بمياه النيل، ان مصر وللاسباب التي ذكرت اعلاه تغض الطرف عما يقوم به اخوتهم العرب الخليجيين على ضفاف النيل  في الدول التسعه المتشاطئه على النيل جنوبا.
ان اهم مشكله تواجه مصر هي المياه واستمرارية نهر النيل. لقد حافظت الحكومات المتعاقبه المصريه على استمرارية مجرى النيل واستعملت مصر طرق كثيره مع الدول المتشاطئه التسعه واهمها كانت القوه العسكريه ودبلوماسيتها النشطه. الحكومه المصريه الحاليه  ربما ستجد صعوبه شديده لو ارادت الحفاظ على المستوى المعهود لنهر النيل شريان مصر. اننا نعتقد بان تعين الدكتور قنديل رئيسا للوزاره المصريه حديثا وتعين الدكتور صفوت عبد الدائم  رئيسا لديوان مجلس الوزراء لم تاتي اعتباطا فالاثنان خبيران متميزان في شوون المياه ولكن ستكون مهمتهما شاقا.

 


No comments: