المصدر:المجلة
الزراعية
بقلم: هانى البنا
ابريل\اذار
2013
تحت شعار (الزراعة العالمية بين الكفاءة والاستدامة) شهدت العاصمة الفرنسية باريس فعاليات المؤتمر الدولى سيما باريس 2013 فى نسخته الخامسة والسبعين، بمشاركة 1350 عارضا يمثلون أكثر من 40 دولة حول العالم، وقد تبارى العارضون فى إظهار معروضاتهم فى مجالات المعدات والميكنة الزراعية الآلية، وتوفير مستلزمات الانتاج الزراعى وتربية الماشية والطاقة المتجددة ونشر الثقافة الخضراء، وسط حضور أكثر من 500 ألف شخص من 130 دولة حول العالم.
- رواج اقتصادى
وقد أشار السيد مارتين ديجرمنت مدير المعرض أن سوق المعدات الزراعية العالمية حققت رواجاً اقتصادياً خلال النصفين الاول والثانى من عام 2012 بنسبة 18%، ومن المتوقع أن يستمر هذا الرواج خلال عام 2013 لتلبية متطلبات المزارعين حول العالم، لما تلعبه الميكنة من دور كبير فى توفير الوقت والجهد لدى المنتجين فضلاً عن الدور الكبير الذى تلعبه لزيادة الانتاج الزراعى.
وذكر ديجرمنت ان المعرض منذ نسخته الأولى فى عام 1922 وهو يعرض بين جنباته آخر الابتكارات، ففى نسخة عام 1931 عرضت شاحنة البنجر القلابة، وفى نسخة 1993 عرض أول روبوت للحلب الآلى، وفى سيما 2009 عرض جرار المستقبل الذى يعمل بوقود الهيدروجين والكهرباء، وفى سيما 2013 سيتم منح جوائز الابتكار لأفضل معروضات العام من والآلات والمنتجات التى احدثت ثورة فى عالم المعدات الزراعية، مشيراً إلى ان المعرض قام بتنظيم اجتماعات زراعية دولية، بالإضافة إلى عقد ندوات وورش عمل تتناول القطاع الزراعى بجميع ابعاده المختلفة، ونجح فى تبادل الخبرات واستعراض الآراء المختلفة بين الزوار والعارضين.
- الإنتاج الحيوانى
وأضاف أن المعرض قد اولى الإنتاج الحيوانى اهتماما بالغاً، وذلك حين احتضن معرضاً خاصاً بالإنتاج الحيوانى والذى ناقش اهمية التطور الجينى الوراثى لا ستنباط سلالات جديدة من حيوانات المزرعة وتربية الماشية لإنتاج الحليب واللحوم.
ورصد المنتجون المؤشرات التى انتهت اليها انتاجيات الابقار من اللحوم والتى تمثل العنصر الاساسى فى النظام الغذائى لبلدان العالم كافة، وقد استقر النمو السنوى لهذه المنتجات عند 5% لتصل الى 64 مليون طن فى عام2010، على الرغم من تضاعف الاستهلاك خلال سنوات العقدين الماضيين فمن المتوقع ان يستمر هذا التقدم حتى نهاية هذا العقد، وذلك بسبب النمو السكانى وكذلك العادات الغذائية المتغيرة فى البلدان الناشئة والنامية، وفى هذه البلدان الأخيرة سوف تتحسن مستويات المعيشة وهذا يعنى زيادة المشتريات من لحوم البقر واللحوم بوجه عام، فوفقا لمنظمة الأغذية والزراعة ونظرتها لاحوال الزراعة من 2010ـ2019 فمن المتوقع أن يزيد الطلب على لحوم الابقار بنسبة 14%، مع اختلاف واضح فى معدلات بين البلدان المتقدمة التى ستطلب زيادة بنسبة (7%) وتطوير البلدان (20%). وفى بعض البلدان (الولايات المتحدة والأرجنتين واليابان وكندا)، وسوق لحوم البقر وصلت بالفعل مرحلة النضج والنمو خلال الفترة 2010-2019، كما ان الانتاج سيسير بصورة أبطأ فى كثير من الدول الفقيرة بمعدل يصل إلى 2%، ومع هذا سوف يكون النمو فى الاستهلاك أكثر قوة فى البرازيل (+14%) والهند (+14%) والصين (+15%) وكوريا (+16%)، وتركيا (+ 20%) وروسيا (+22%)
والجزائر (+36%)، وباكستان (+38%)، ومصر (+43%)، المملكة العربية السعودية (+56%).
- جوائز الابتكار
وقد أكد السيد هيوز دى جوفنيل رئيس لجنة التحكيم بالمعرض أن جوائز الابتكار منحت لـ19 منتجا بواقع 3 ميداليات ذهبية و4 ميداليات فضية و12شهادة تميز واستحقاق، وقد منحت هذه الجوائز من قبل لجنة محكمة من خبراء، وقد خضعت المعروضات الفائزة لجائزة الابتكار لعدة شروط تتمثل فى ادماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والاستخدام البيئى للآلات ومراعاة متطلبات السلامة.
- تحديات واسعة
وكانت الجزائر والصين وكازاخستان ضيوف الشرف للمؤتمر ممثلين عن القطاع الزراعى فى دول الشرق الأقصى والأوسط، فالجزائر مثلت النموذج للدولة التى تسعى لتطوير قطاعها الزراعى، والصين تمثل البلد الزراعى المستقر التى تواجه اقتصادا عالمياً أكثر تعقيداً، أما كازخستان فمثلت الزراعة الاهتمام الاول للحكومة، وجاء المعرض ليستجيب لتحديات واسعة تواجه الزراعات الوطنية لكثير من دول العالم، وهو ما منح الزوار فرصة لمناقشة جملة من القضايا الرئيسية التى تواجه الزراعة فى جميع أنحاء العالم فى السنوات المقبلة.
- الأمن الغذائى
كما عقدت ورشة عمل دولية تحت شعار المعرض (الزراعة العالمية بين الكفاءة والاستدامة) ناقشت سبل تعزيز الأمن الغذائى ليلبى الاحتياجات الغذائية لتسعة مليارات نسمة يمثلون عدد سكان العالم، وهو مالم يتم دون الحفاظ على الموارد الزراعية الطبيعية من أراضى ومياه وبيئة، وذلك عن طريق التركيز على آليات وتقنيات مثل الممارسات الزراعية الجيدة من حرث التربة والإدارة المتكاملة للرى والحفاظ على البيئة بما يعمل على حل معادلة كفاءة واستدامة الزراعة فى العالم .
ويخصص ثلث مساحة اليابسة على الأرض للزراعة فضلاً عن مجالات الرعى والمحاصيل والغابات وصيد الأسماك، وتستوعب هذه المجالات ما يقرب من 43% من سكان العالم الناشطين اقتصاديا، وتقوم بتغطية الاحتياجات الغذائية لـ6.5 مليار نسمة. ومع ذلك، لا يزال الجوع شبحا ماثلا أمام أكثر من مليار شخص لا سيما فى المناطق الريفية. ومع تقلب أسعار الغذاء وتدهور الموارد الطبيعية من اراضى ومياه يحمل المستقبل صورة ضبابية عن مصير 9 بلايين شخص بحلول عام 2050، وهو ما يتطلب زيادة فى انتاج الغذاء بنسبة 70% عن ما هو متاح الأن .
- الاستدامة
ومع انقضاء العقد الاول من القرن الحادى والعشرين أصبحنا نواجه تحديين رئيسيين: تغذية سكان العالم مع الحفاظ على الموارد الطبيعية مثل الوقود والأراضى والمياه، سواء من حيث النوعية والكمية، وهنا لابد من تطبيق مفهوم الزراعة المربحة والمستدامة التى تهدف إلى مواجهة هذا التحدى المزدوج من توفير الغذاء وصيانة الموارد الأرضية .
ويشكل تعزيز إدارة المياه والري، استحدام والطاقة المتجددة الطريق الأمثل للوصول إلى الزراعة المربحة والمستدامة، فإدارة المياه تشكل تحديا كبيرا، فالماء الذى يمثل ثلاثة أرباع كوكب الأرض بات أقل وأقل من المتاح، و أصبح المزارعين أكثر إدراكا من غيرهم بأن الإدارة السليمة للمياه ضرورة لضمان طول عمر هذا «الذهب الأزرق» الذى لا غنى عنه لنجاح عملهم.
- الإجهاد المائى
وردا على الإجهاد المائى الذى أصبح يهدد الزراعة العالمية، تم تعديل أساليب الرى تعديلات دقيقة فى مواعيد وجرعات للسماح بالرى المستمر مع توفير المياه، والذى يتألف من تطبيق المياه على سطح التربة، وأدخلت تقنيات جديدة مثل الرى المحورى أو الرى بالتنقيط. هذه التقنية الصغيرة تعد الأحدث والأكثر لحفظ الماء. جعلت العديد من التطورات التكنولوجية فى مجال الرى من الممكن لإدارة المياه بطريقة تحافظ على الموارد الطبيعية بشكل كبير.
- الطاقة النظيفة والمتجددة
وكان للطاقة النظيفة والمتجددة حضور كبير فى فعاليات سيما باريس، حيث ناقش الخبراء مستقبل الوقود الحيوى فى توليد الطاقة لإدارة المزارع بصورة بيئية سليمة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والبيوديزل والغاز الحيوى والطاقة الهيدرولوجية، والطاقة الناتجة عن التخلص من المخلفات الزراعية، ويمثل انتاج الغاز الحيوى عملية بيولوجية طبيعية تتحول خلالها المواد العضوية إلى مصدر للطاقة المتجددة وانتاج الأسمدة .
وتسمح تقنية Methanization بحصول المزارعين على حاجاتهم من الاسمدة، حيث تسمح للمزارعين بتقليل اعتمادهم على الأسمدة غير العضوية، فضلاً عن التخلص من الروائح والمخلفات وتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بسبب غاز الميثان التى يتم تجميعها واستخدامها لإنتاج الطاقة فى شكل حرارة وكهرباء وغاز حيوى.
وعلى هامش المعرض انعقد الكثير من فعاليات الاجتماعات الدولية فى شكل محادثات ومناقشات مع الخبراء الدوليين، وساعدت هذه الاجتماعات على جلب الزوار وناقشت عدة موضوعات محورية مثل «ديناميات الزراعة وعوامل تقدمها» و«الأمن الغذائى العالمى على المدى الطويل»، و«الزراعة المروية: أفضل الحلول وإعادة استخدامها المتزايد للتعامل مع مياه الصرف الصحى».
- دور التعاونيات
وشدد كثير من خبراء الزراعة العالمية على ضرورة التآزر بين دور التعاونيات الزراعية وشركات القطاع الخاص العاملة فى القطاع الزراعى حول العالم لدعم الانتاج الزراعى لا سيما فى المناطق الريفية الصغيرة، مؤكدين على الدور المحورى الذى تلعبه التعاونيات لتطوير القطاع الزراعى والقضاء على الفقر الريفى.
- الطاقة الخشبية
وتطرق المعرض خلال ندواته الى أهمية الدور الذى تلعبه الغابات ومايمكن ان تسهم به فى زيادة الرقعة الزراعية، وشدد الخبراء على ضرورة الاهتمام بدور منتجات الغابات من الأخشاب والثمار الاستوائية، مؤكدين على ان الطاقة الخشبية صديقة للبيئة ومصدر للطاقة المتجددة، وينتج أساسا هذا النوع من الوقود الحيوى فى سياق استغلال الغابات.
- تكنولوجيا المعلومات
وقد أكد السيدان جيلبرت جرينير وفريدريك رينيه مستشارى التكنولوجيا من لجنة التحكيم فى معرض سيما ان رصد جوائز المعرض للعام الاول تدل على عدة تطورات أهمها إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتطورة على نحو متزايد فى الآلات الزراعية وتتلاقى مع هذه التكنولوجيات مع التطبيقات الاستهلاكية، فالمعدات الزراعية باتت أسهل فى الاستخدام بفضل الأدوات المعروفة - مثل شبكة الإنترنت وحلول الحوسبة النقالة (الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحي)، فضلاً عن التحسينات فى كفاءة الفنية والاقتصادية والبيئية للآلات والسهولة التى يمكن استخدامها. ويمكن رؤية هذه الكفاءة فى سهولة تطبيق الأسمدة ومنتجات صحة النبات والعملية الداخلية للآلات وأداء الطاقة فى معدات ذاتية الحركة، والعلاقة بين الأجهزة والأرض، وما إلى ذلك، بالإضافة إلى إدماج المتطلبات الأمنية فى «إعادة تصميم» من آلات (القائمة أو الجديدة) لإنشاء الآلات الآمنة والعملية فى الاستخدام.
وقد فرضت تكنولوجيا ISOBUS حضورها القوى فى فعاليات المعرض، وهى تكنولوجيا جديدة فى عالم الجرارات وغيرها من الآلات الزراعية لتسهيل تطوير عدد من التطبيقات الجديدة المبتكرة، حيث أصبح من الممكن الآن الربط بين محطة ISOBUS وشبكة الإنترنت بحيث يمكن تحميلها بالإعدادات المثلى لتوزيع الأسمدة التى يجب تغطيتها حسب المنطقة والجرعة، من قاعدة الشركة المصنعة.
وقد تزامن معرض سيما باريس مع انعقاد فعاليات معرض باريس الدولى للزراعة، وقد أكد السيد ستيفين لى فول وزير الزراعة والغابات الفرنسى الدور الكبير الذى تلعبه الزراعة فى توجيه الاقتصاد الوطنى لبلدان العالم ومنها فرنسا، فالزراعة فى قلب الحياة الفرنسية لأنها النبض الذي يدفع اقتصاد البلاد، حيث يشكل الانتاج الزراعى حوالى 30% من الدخل القومى الفرنسى.
وأكد ستيفين أن الزراعة في قلب الانتعاش الاقتصادي لإمكاناتها الهائلة للنمو، وكمصدر للعمالة في جميع أنحاء البلاد، ويجب أن يستند الانتاج الزراعى العالمى الى الممارسات الجيدة التى تقوم على المحافظة على البيئة من خلال ترشيد المبيدات والاسمدة وتعزيز نظم الزراعة العضوية والزراعة النظيفة.
وقد احتفل المعرض هذا العام بمرور خمسين عاما على انطلاقه، واهتم المعرض بعرض آخر ما توصل اليه البحث العلمى فى مجال الانتاج الحيوانى من بيوت المعيشة ومعدات انتاج الاعلاف ومنصات الحلب الآلى، إلى جانب استعراض اخر الاصناف الحيوانية المستنبطة من الابقار والماشية وحيوانات المزرعة.
وقال السيد جين لوك بولاين مدير المعرض «منذ خمسين عاما تستضيف العاصمة الفرنسية باريس المعرض الدولى للزراعة، والذى بدأ برعاية الجنرال ديجول وأصبح مع مرور السنوات أكبر مزرعة فى فرنسا، ككل عام يستقبل المعرض آلاف المزارعين من مختلف انحاء البلاد لتقديم نشاطهم وعرض منتجاتهم للزوار الذين يأتون من كل انحاء المناطق الفرنسية والعالم لاكتشاف التراث الزراعى الفرنسى، حيث تمثل فرنسا القوة الزراعية الأكبر فى أوروبا».
وأضاف أن المعرض يأتى هذ العام فى ظروف استثنائية مع تزايد قلق المستهلكين جراء استبدال لحم البقر بلحوم الخيل فى كثير من أطباق المطاعم الجاهزة فى أوروبا، أما التحدى الأكبر فيكمن فى استرجاع ثقة المستهلك من خلال التركيز على الشفافية فى الانتاج والتسويق.
No comments:
Post a Comment