Wednesday 7 November 2012

كباب اربيل والتومان الايراني

افغانستان-هيران-سوق الماشيه2001
مساء اول امس كنت اشاهد مقابله تلفزيونيه كانت تجرى في احدى الفضائيات الكوردستانيه مع تجار الحيوانات في سوق عشوائي  لبيع الماشيه في قلعة دزه والتي تبعد عدة كيلومترات عن الحدود الايرانيه و160  كم الى الشمال الشرقي من مدينة السليمانيه.التجار كانو يشكون من عدم وجود خدمات في موقع جديد خصصتها الحكومة لهم وذالك لابعادهم عن المنطقه السكنيه التي تحيط بسوق الماشيه وتودي الى مشاحنات مستمره بين تجار الماشيه والسكان المحليين.
 
على مابدا لي تجارتهم مربحه حيث ذكروا بان اسعار الماشيه هذه السنه  في سوقهم هي  اقل ماكانت عليه في السنه الماضيه. في اي تجاره واين ماكان فان  انخفاض الاسعار عادتا يودي الى تذمر التجار لخسارتهم ولكن هولاء التجار لم يبدوعليهم اي تذمر لان الحيوانات التي يبعونها  اكثرها مهربه من ايران وتم الحصول عليها باسعار زهيده وتساق الماشيه عبر الحدود الوعره من دون المرور عبرالنقاط الحدوديه والخدمات البيطريه. السر في التجاره المربحه هذه هي هبوط قيمة التومان الايراني في العام الماضي كان سعر المليون دينار عراقي يساوي مليون تومان ايراني اما الان فان المليون دينار عراقي يساوي اكثر من ثلاثة ملايين تومان.
أن الماشيه التي تعبر الحدود من غير قيود وشروط وبشكل غير رسمي دائما تسبب في انتقال الامراض الحيوانيه والامراض المشتركه بين البشر والحيوان عبر الحدود نفسها. وهنا اود ان اعيد مقولتي القديمه " في كل حركه بركه, اللهم حركة الحيوانات عبر الحدود".
قبل  اربعة اشهر كتبت على هذا الموقع خبر انتشار مرض حمى القرم النزفيه في ايران و هي من الامراض العابره للحدود وتصاحب عمليات تهريب الحيوانات .المرض يسببه فيروس يصيب الانسان مسببا الحمى واعراض نزفيه شديده قد تنتهي بالوفاة, ويصيب الاغنام والابقار والجاموس والماعز والخيول وانواع اخرى من الحيوانات وينتقل منها الى الانسان عن طريق القراد, ولا يسبب هذا الفيروس اعراضا سريريه معينه في الحيوانات ولكنه قد يحدث اعراضا خفيفه في الاغنام والماعز, اي ان هذه الحيوانات تلعب دور الخازن للمرض.
حسب موقع" بيوند" الايراني فانه في اوائل السنه الايرانيه الحاليه فان 29 شخص من 27 محافظه ايرانيه اصيبوا بالمرض ومات منهم 7 اشخاص بالحمى النزفيه. اما السنه الماضيه فقد اصيب87 شخص ومات منهم 15 والسنه التي سبقتها فقد اصيب 154 وتوفي منهم 26 شخص. حسب تجربتي الشخصيه  فان السلطات الصحيه والسلطات البيطريه الايرانيه هي ذات كفائه عاليه ومع ذالك فانه يصعب عليهم السيطره على هذا المرض العابر للحدود.
لا اجرء على التفكير بما سيحصل في العراق وكوردستان لو عبر المرض وامراض مشتركه اخرى الحدود المسلوكه ليل نهار بصوره شرعيه وغير شرعيه من دون سيطره ورقابه كافيه. علما بان تدني قيمة التومان الايراني وتنقل الحيوانات بشكل لم يسبقه له مثيل سيزيد من امكانيات انتقال مجموعه من الامراض.
أن التفاوت الشاسع والمطرد الذي يحصل في اسعار تغير العملات  بسبب الحروب او الحصار الاقتصادي في اي دوله من دول منطقتنا تسبب في استغلال دول الجوار الاخرى الى استغلال الاوضاع وبمساعده من تجار الدوله المتا ثره. ان الاوضاع المستجده في ايران دفعت التجار من جانبي الحدود لجني الثمار والثراء على حساب الشعوب ومن دون الاكتراث بالنتائج السلبيه لهذه الصفقات المشبوهه والتي ربما  تتم  بمعونةو مساعده السلطات الرسميه من الدولتين. أن استيراد الاغذيه النباتيه والحيوانات  الرخيصه جدا من السوق الايرانيه وادخالها للعراق بشتى الطرق لها مساوئها وعلى حكومتي ابغداد والاقليم الانتباه لذالك والسيطره على الاوضاع. ان الشعب الايراني هو الاخر يتضرر لان غذائه وضرورياته الذي هو في امس الحاجه اليه تعبر الحدود مقابل حصول السلطات و البعض من التجار على الاوراق النقديه الخضراء .المنتج او الفلاح العراقي سيكون المتضرر الاول لعدم تمكن الانتاج المحلي من الصمود امام الانتاج المستورد الرخيص.
 نعم  ان ما ذكر في الكتاب المقدس القديم بان"لاجديد تحت الشمس"  هو عين الواقع. حيث اني كنت شاهدا على الكثيرمن صنوف الاستغلال تتكرر في مناطق مختلفه من العالم الثالث . لقد شاهدت عشرات الالوف من الصوماليين يموتون جوعا في شبيلي ومركا بينما كان تجار المواشي على جانبي البحر الاحمر مشغولين بجمع الدولارات و بشحن "حيوانات الضحايا" الى السعوديه والخليج  ليزداد المتخومين تخمتا  وعلى حساب جياع الصومال. رايت كيف  باع  امراء الحرب الصوماليين ,مصفى نفط مقديشو الذي بناه لهم صدام ومعمل السكر في قسمايو الني بناها لهم الكويتيون, لتجار الخرده الكينيون ونقلت الى مومباسا. كل ذالك  بسبب هبوط قيمة الشلنغ الصومالي ورايت قيمت العمله الصوماليه تهبط من 30 شلنغ للدولار الواحد الى اكثر من عشرة الاف شلنغ.
قبل اكثر من عشرة سنوات كنت في زياره رسميه لايران واخذتني زياره ميدانيه الى مدينة قم  وزرت "شهرك حيوان او ميدان حيوان" وهو مجمع يتعامل بكل مايخص الثروه الحيوانيه بما فيها سوق للماشيه  ومجزره وتعجبت لان اكثر تجار الماشيه كانو من كركوك وسليمابيه ومناطق اخرى حيث يبيعون الحيوانات العراقيه للحصول على اسعار اعلى بكثير مما كانوا يحصلون عليه لوباعو حيواناتهم في العراق وبطبيعت الحال كان العراقيين محرومين منها ومن دون شك فان الامراض العابره للحدود  كانت ترافق هذه الرحلات .
في ايار\مايو 2001 واثناء حكم طالبان اخذتني احدى مهام الامم المتحده الى افغانستان  لمعاينة الوضع  المتدهور للامن الغذائي في افغانستان . وزرت الاجزاء التي كانت تحت سيطرة الطالبان وعرفت من الاطباء البيطريين القلائل واللذين قابلتهم  في زياراتي  واخبروني بان اكثر الماشيه كانت تصدر الى باكستان وايران في الوقت الذي كان يحلم الافغان بقطعت لحم.  رجعت الى افغانستان بعد عام واحد اي بعد سقوط الطالبان  لمعرفت وضع الامن الغذائي  و التطورات التي حصلت خلال عام .لكن في هذه الزياره فقد اختلفت القصه حيث ان شكوى السلطات البيطريه والحكومه والفلاحين كانت تصب في مشكله جديده وهي استيراد كميات كبيره من الماشيه والدجاج  الرخيص من باكستان وكذاللك لحم الجاموس والجاموس الحي والذي كان يجد طريقه الى ايران عبر محافظت هيرات الحدوديه. لقد قيل لي ان العادات الغذائيه للا فغان قد تغيرت حيث انهم كانو ينئون عن اكل لحم الجاموس سابقا ولكن لوفرته ورخصه في اسواق افغانستان غيرت نظرت الافغان فاخذو يتناولون لحم الجاموس.  ان اعداد الجاموس في باكستان تبلغ حوالي 26 مليون راس.
السوال المطروح هو لماذا الحيوانات الافغانيه كانت تنتقل  وتباع في ايران وباكستان ايام حكم طالبان ولكن بعد سقوط  حكم طالبان  اخذت الماشيه والدواجن تصل الى افغانستان من باكستان  وباعداد كبيره ربما مصحوبتا بامراض ؟ والجواب يكمن في فرق تغير العمله اذ ان الروبيه الباكستانيه اثناء رحلتي الاولى(اي اثناء حكم طالبان) لافغانستان كانت تساوي 1100 افغاني واما في فترة رحلتي الثانيه, اي بعد سقوط طالبان, فكانت الروبيه الباكستانيه تساوي 600 افغاني فقط.
 ان تحركات الحيوانات هذه عبر الحدود قد تودي بلا شك الى انتشار الامراض الحيوانيه والامراض المشترك بين الانسان والحيوان. هذا وقد اعلنت قريبا كل من الفاو ومنظمة الصحه العالميه على القضاء على اول مرض حيواني وهو مرض الطاعون البقري. ولكن يجب  اخذ الحذر  والحيطه ومراقبة تنقل  الحيوانات  خوفا من ظهور المرض مرة اخرى. واحدى الاسباب الموجبه لهذا التخوف مثلا ان الجاموس والذي يصاب بطاعون الابقار بكثره يتنقل  بسهوله بين  باكستان وافغانستان والهند وايران والعراق حيث انني رايت و سجلت وابلغت الامم المتحده بذالك و التخوف الاخر هو سهولت تنقل الابقار الصوماليه لمناطق قريبه من محميات الجاموس الوحشي في كينيا . وكذالك صعوبةالكشف عن هذا المرض العابر للحدود لان اعراضه السريريه اصبحت خفيفه وغير حاده ولايمكن الكشف عنها بالعين المجرده.
لأذا نرجوا من الساده المسئولين عن صحة  المجتمع  و سلامة الثروه الحيوانيه القليله المتبقيه ان يتخذون الحيطة والحذر من المستجدات ولا عذر لمن انذر.
هيرات 2001 جاموس باكستاني يصدر الى دول اخرى
صوماليا-قسمايو-1994 بقر وفحم تعبر البحر الاحمر


No comments: