Sunday 10 April 2011

الاهرام الزراعي مجالات التعاون الزراعي مع العراق

تسعي مصر جاهدة لزيادة آفاق التعاون الزراعي مع جميع الدول سواء كانت عربية أو أجنبية، وتحقيقا لذلك انفردت المجلة الزراعية بأول حوار في الاعلام المصري للدكتور طالب مراد مستشار رئيس الحكومة للأمن الغذائي والزراعة باقليم كردستان بالعراق والذي كان يشغل من قبل عدة مناصب تختص بالأمن الغذائي والانتاج الحيواني، وكان آخرها عمله كمستشار إقليمي للانتاج والصحة الحيوانية بالمكتب الاقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة "فاو" لمدة 16 عاما انتهت في عام 2008. وتطرق خلال الحوار إلي عرض تجربة الزراعة والأمن الغذائي بكردستان وأهم المعوقات التي تواجهها، فضلا عن أهم سبل التعاون بين مصر والعراق التي يمكن تحقيقها في المستقبل. كما أعلن عن الخطة المستقبلية في تنمية الانتاج الزراعي والحيواني

  بداية. حدثنا عن الزراعة والأمن الغذائي في العراق
- الأمن الغذائي والزراعي في العراق بشكل عام واقليم كردستان بشكل خاص كان لايبشر بالخير خلال الفترة الأخيرة لعدة أسباب يعود بعضها إلي أربعة عقود سابقة، حيث المشاحنات والحروب مع الجيران. هذا بالاضافة إلي تأثير حركة سكان القري سلبا علي الزراعة، ففي كردستان حول النظام السابق القري الكردية من وحدات انتاجية ممتازة إلي وحدات استهلاكية، وقد هاجر الكثير من سكانها وأتلف عيون مياهها. والدليل علي ذلك انه في أواخر الستينيات كان يعيش حوالي 75% من سكان الاقليم في القري، في حين أصبحوا الآن لايتعدون 15% فقط. وبعد سقوط النظام السابق توفرت العملات الصعبة بكثرة وأصبح لدي العراق حوالي 24 منفذا حدوديا مع جميع الجيران والعالم. مشيرا إلي أن المواد الغذائية تحصل علي نصيب الأسد من الاستيراد، لاسيما أن العراق وكردستان تستورد أكثر من 80% من احتياجاتهم الغذائية من وراء الحدود، علما بأن العادات الغذائية قد تحسنت وتغيرت، فعلي سبيل المثال نجد أن الفرد العراقي كان يستهلك نحو 3 كيلو جرامات من لحم الدواجن سنويا خلال عام 2003، في حين وصل استهلاك الفرد إلي 16 كيلوجراما، وقياسا علي ذلك حدثت الزيادة في استهلاك جميع السلع الغذائية
وأكد د. طالب مراد أن هناك مشكلات أخري تواجه العراق في القطاع الزراعي من أهمها الهجرة من القري للمدن، مما أدي إلي حدوث شح في الأيدي العاملة الزراعية "الرعاة والمزارعين وغيره." وقد فقدت الأجيال الجديدة القدرة علي الانتاج الزراعي نظرا لأنهم ابتعدوا عن القري وهم عبارة عن كوادر فنية تم تخريجها في الجامعات ولا يستطيعون حل تلك المشكلات لأنها أكبر من قدراتهم.

الأمن الغذائي والقومي
- وماذا عن الأمن الغذائي في العراق؟
- رد قائلا: الأمن الغذائي في رأيي الشخصي لا يقل أهمية عن الأمن القومي، لأي دولة وبصفة خاصة في العالم العربي. مشيرا إلي أن مشكلة الأمن الغذائي لن تحل أبدا إذا لم يفكر صناع القرار بهذه الطريقة. وإذا تبنوا هذه الفكرة سيتحسن الوضع رويدا رويدا. كما يجب ألا نذكر مصطلح الاكتفاء الذاتي نهائيا في القاموس الزراعي والغذائي بدول العالم بصفة عامة، والدول النامية بصفة خاصة. لأن هذا صعب المنال في ظل ظروف العولمة التي تحيط بنا وفتح التجارة العالمية بشكل لم يعهد من قبل.
وأضاف أن وجود العملات الصعبة في المستقبل لن يستفاد منها فالغذاء في الأسواق الدولية سيكون مفقودا أو نادرا أو غاليا جدا، خاصة أن الدول المصدرة للحبوب واللحوم بجميع أنواعها هما عمودا الأمن الغذائي أخذت تقلل صادراتها بشكل هائل وعدد كبير منها تحول من دول مصدرة إلي دول مستوردة. والدليل علي ذلك أن أكثر من 80 دولة كانت تصدر اللحوم والدواجن، في حين أصبحت الآن لاتزيد علي 20 دولة فقط وتنخفض عن ذلك تدريجياً


قاسم مشترك
 في رأيك هل هناك قاسم مشترك في المجال الزراعي بين مصر والعراق
- العراق ومصر جزء من المنظومة العالمية والاقليمية ويتأثران بما يحدث في العالم، ولكن العامل المشترك بين الدولتين هو وجود الأنهار الدائمة والصراعات علي المياه من دول الجوار، وهذا ما سيؤثر علي الأمن الغذائي في المستقبل. فنجد أن العراق يمر بها نهرا دجلة والفرات، ولكن تعاني من أزمة مياه نتيجة الخلاف مع سوريا وتركيا، فضلا عن جفاف 44 رافدا ونهرا صغيرا يأتي من إيران لظروف سياسية.وهذا ما جعلهم يلجأون للتفكير جديا في تغيير الأساليب الزراعية كالتغيير من "الزراعة المطرية" إلي "السقي أو الزراعة المروية". فضلا عن امكانية تغيير المواسم الزراعية..
وشدد د. طالب مراد علي وجود مشكلة كبيرة لايشعر بها سوي من يكون له صلة بالموضوع، وباعتباري عضو في "لجنة الجفاف بالاقليم" شعرت بتأخر موسم المطر لمدة شهر في كردستان، مشيرا إلي أن العراق يستورد حوالي 3.5 مليون طن من القمح سنويا، في حين أن اقليم كردستان ينتج حوالي نصف انتاج العراق من القمح سنويا، ولكنها انتجت نحو نصف مليون طن خلال عام 2009، لذلك يمكن القول أن أي جفاف يؤثر علي الانتاج.
الاستثمار الزراعي في العراق ليس بالشكل المطلوب، نظرا لأن أصحاب رؤوس الأموال يرغبون في جني الأموال بشكل سريع وآمن، وهذا يتوافق مع الاستثمارات العقارية والصناعية ولاتتوفر بالاستثمارات الزراعية. مشيرا إلي أن ميزانية الزراعة لاتتوافق مع ما طالبت به منظمة الأمم المتحدة خلال مؤتمرها الأخير بروما، والذي يوصي برفع الميزانية الزراعية في أي دولة من 5% إلي 10%. مع العلم أن أكثر الدول العربية لايصل حجم الميزانية الزراعية بها إلي 5% أصلا، فكيف تصل إلي 10%؟
فإذا نظرنا إلي دول السوق الأوروبية المشتركة الصناعية والتي تبلغ 26 دولة، حيث صرفت عام 2009 نحو 45% من موازنتها العامة علي الزراعة بما يعادل 55 مليار يورو. لذا نحتاج أن نعتبر من هذه السياسة الأوروبية كدول عربية.

بنوك الائتمان
 وهل يوجد بالعراق بنوك للائتمان الزراعي؟ وما دورها؟
 لدينا ما يشجع علي الزراعة ويتمثل في القروض الزراعية ولكنها للأسف
ترتبط بشروط تعجيزية كارتفاع قيمة الفوائد وكثرة الضمانات المطلوبة لذا نحتاج بعض التيسيرات من قبل البنوك الزراعية وتحفيز المستثمر الزراعي والمزارع البسيط الذي يتعرض في بعض الاحيان لظروف طارئة ونسبة مجازفة. بالاضافة إلي مشكلة وجود سقف للقرض حيث لايزيد في كردستان علي سبيل المثال علي 70 ألف دولار بينما في الاجزاء الاخري بالطرق يزيد عن ذلك بكثير وقد أطلق الدكتور "نوري المالكي" رئيس وزراء بالعراق المبادرة الزراعية منذ عام 2008 حيث خصص لهذه المبادرة حوالي 500 مليون دولار سنويا علاوة علي ميزانية وزارة الزراعة وقد أثبتت نجاحها حتي الآن.

التجربة المصرية
 وماذا عن سلامة الغذاء بالعراق؟
- في رأيي سلامة الغذاء والامن الغذائي يكملان بعضهما البعض ففي حالة العراق الأمن الغذائي يحتاج فترة طويلة لإصلاحه ولايجب أن نغض البصر عن سلامة الغذاء. ولكن مع الاسف لايوجد لدينا حاليا في العراق امكانيات جيدة لفحص الكم الهائل من الاغذية المستوردة وعلي سبيل المثال في أواخر عام 2009 وبالتحديد خلال آخر ستة أشهر أعيدت 7 آلاف طن من الاغذية من منفذ حدودي واحد مع ايران مع العلم أن هذه الاغذية تم فحصها بالعين المجردة فقط نظرا لعدم وجود إمكانيات معملية في هذا الشأن فما يحدث لو كان لدينا إمكانيات ومختبرات؟!
وفي هذا الصدد نصح الحكومة العراقية والاقليم بتبني التجربة المصرية حيث فحص المواد الغذائية بشكل جيد نظرا لأن التاجر والمستورد لايقوم بعمل خيري. لذا يجب أن يدفع تكلفة الفحوصات المخبرية. وياحبذا لو تم السماح للقطاع الخاص ببناء معامل الفحص علي أن تكون تحت اشراف تام من دوائر الزراعة والصحة بالاقليم ومن ثم يستطيعون فحص السيل الهائل من المواد الغذائية المستوردة من خارج الحدود.
وهذا سيحل مشكلة وجود الكثير من المواد الغذائية خاصة الالبان ومنتجات الالبان في المحال التجارية الكبري غير معلومة المصدر وبطبيعة عملي كمستشار سابق بالامم المتحدة يبدو أن اللبن البودرة الذي يستخدم لانتاج الحليب المسترد ويدون عليه فترة صلاحية جديدة قد تتنافي مع حقيقة صلاحيته لذلك الشعب العراقي تدخل في غذائه مصادر ونوعيات من الحليب ومنتجاته مجهولة المصدر ويجب ملاحظة كميات "Dioxinس في الالبان واللحوم لانها في تزايد وهي مواد سرطانية ناتجة من عدم معاملة سليمة للمواد البلاستيكية التي يزداد استعمالها بكثرة في حياتنا اليومية والمشكلة باللحوم الألمانية ربما تكون موجودة
بالعراق وبكثرة

الكوادر المصرية 
واستطرد قائلا: تستوقفني مقولة لمعمر القذافي كنت أسمعها دائما منذ أكثر من ثلاثة عقود ونصف "لاحرية لشعب يأكل من وراء البحار" واتفق معه تماما في ذلك. مشيرا إلي ان مشكلتنا في العراق هي أن دول الجيران هم المصدرون ويتحكمون في المياه التي تدخل العراق. لذلك لايوجد أمامنا سوي مصر التي يمكن الاستعانة بكوادرها الفنية وبرامجها البحثية في مجال الانتاج الحيواني والزراعة وسلامة الغذاء. وأعتقد أن ذلك انسب الحلول لاسيما أنني أقمت في مصر لأكثر من عقد ونصف وتعرفت علي الامكانيات الموجودة بها. وبالفعل توجد حاليا عدة مشروعات تتعلق بذلك في اقليم كردستان. مشيرا إلي أن عدد من المسئولين المصريين الكبار قاموا بزيارة الاقليم لتشجيع أوجه التعاون بين البلدين وهذا ليس بالجديد ففي الستينيات كان يوجد بجامعة بغداد عدد كبير من الاساتذة المصريين وانا تعلمت منهم وقد توجه بالدعوة لاستضافة وفد صحفي زراعي لنقل الصورة الحقيقية من أرض الواقع باقليم كردستان خاصة أنه أصبحت الان هناك قنصليات وسفارات عديدة مشتركة وخطوط طيران مباشرة بين مصر والعراق

مجالات التعاون
 وماهي مجالات التعاون التي تقترحها بين البلدين؟
- وأكد أن هناك رغبة في زيادة أوجه التعاون في تدريب الكوادر الزراعية والبيطرية وأضاف قائلا: ولكوني ممثل الفاو في السابق وعلي علم بطرق الاستفادة من مصر في هذه المجالات. ونظرا لصدور قرار رفع البند السابع من قبل الامم المتحدة والخاص "بالنفط مقابل الغذاء" من الممكن أن تتعاون مصر مع العراق في مجال البستنة، الصناعات الغذائية، تربية الجاموس والأبقار، تكنولوجيا علم الاجنة والتلقيح الصناعي، تسمين العجول وانتاج الاعلاف وستتحقق الايجابيات لكل من الطرفين.
ومنذ تعييني كمستشار للأمن الغذائي في اقليم كردستان ووجهت كل افكاري إلي ضرورة التعاون بين البلدين وهذا ليس رأيي وحدي بل رأي وزارة الزراعة العراقية والمهتمين لهذا المجال كما ان رئيس حكومة كردستان د. برهم صالح مهتم شخصياً بهذا الموضوع.

- وهل هناك اصدارات جديدة ستثري بها المكتبة العربية؟
- لقد أصدرت عدة كتب ودوريات أصدرتها خلال فترة تواجدي بمصر 14 سنة بالاضافة إلي عدة مطبوعات كان من أهمها بعنوان "الاستعمار الزراعي والامن الغذائي" والآن بصدد اصدار كتيب حول الزراعة في العراق وكردستان".
شكر وتقدير

وفي نهاية حديثه توجه بالشكر والتقدير للمجلة الزراعية لاهتمامها الدائم والمستمر بنشر كل مايتعلق بالقطاع الزراعي منذ أكثر من نصف قرن لها أن تكون مجلة زراعية لكل الشعوب التي تتحدث باللغة العربيه..

http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=443803&eid=885
اجريت المقابله مع المجله الزراعيه (الاهرام الزراعي) في اوسط يناير2011ونشر الان الكترونيا

No comments: